م . عباس محمود يكتب : ملحمة جزيرة شدوان
تقع جزيرة شدوان بالقرب من مدينة الغردقة من جهة الشمال الشرقى و هى جزيرة ذات موقع استراتيجى هام. و كنت فى ذلك الوقت أعمل فى أحدى شركات القطاع العام التابعة لوزارة النقل وكنت مسئول عن تطوير مطار الغردقة الذي اصبح مطار الغردقة حاليا ، وتحويله إلى قاعدة جوية متقدمة و كذلك إنشاء وتجهيزه لصد أي هجوم للعدو ، و كان يشرف على هذه الأعمال من مهندسى القوات الجوية السيد العقيد ” اللواء فيما بعد ” محمد عبد الرحمن تاج ” نجل الشيخ عبد الرحمن تاج شيخ الأزهر ” و بالنسبة لأعمال الدفاع الجوى كان يشرف عليها المقدم “اللواء فيما بعد” فؤاد زكى واصف.
و كان الجميع يعملون كأسرة واحدة يتم التعاون بينهم بغض النظر عن الفروع التى يمثلونها، و فى أحد الأيام غالباً يوم 21 يناير 1970 علمنا بأنه تدور معركة شرسة بين قواتنا التى تقوم بحراسة الجزيرة وكانت تتكون من فصيلة من قوات الصاعقة – والفصيلة لمن لا يعلم هى أصغر وحدات الجيوش – و بين كتيبة كاملة من القوات الخاصة الإسرائيلية التى كانت تحاول الإستيلاء على الجزيرة، و أستمرت المعركة لأكثر من عشرين ساعة متواصلة لم تسمح قواتنا الباسلة لقوات العدو الإسرائيلى أن تندس بأقدامها أرض الجزيرة و من ثم انسحبت القوات الإسرائيلية بعد أن أحاطت الجزيرة بألغام بحرية.
و فى صباح اليوم التالى للمعركة وجدت العقيد/ محمد عبد الرحمن تاج يخبرنى بأنه سوف يتوجه بأحدى طائراتنا المروحية “هليكوبتر ” لمعاينة أرض الجزيرة لإختيار موقع مهبط للهليكوبتر وسألنى إن كنت على استعداد لمرافقته و لما أبديت ترحيب بهذا الإقتراح حذرنى قائلاً: “إحنا سنطير على وش الماء حتى لا يلتقطنا رادار العدو ولو جاءت موجة ولو صغيرة وخبطت فى عجلات الطائرة فستنقلب بنا الطائرة و أنى أخشى عليك من هذا الموقف” فنظرت له معاتباً وقلت له: “لو سيادتك خائف على نفسك يبقى أنا أخاف على نفسى” وتوكلنا على الله و وصلنا إلى موقع الجزيرة وكان معنا أحد الأطباء و بعض الإسعافات الآولية لعلاج المصابين. و قضينا أكثر من 7 ساعات بين أبطالنا اللذين قاموا بتجهيز وجبة شهية من أسماك البحر الأحمر التى قاموا بإصطيادها، و عدنا قبل غروب اليوم و كل من يشعر بالفخر حيث كنا فى صحبة أبطال يندر وجودهم إلا فى مصر يؤمنون بمبدأ “النصر أو الشهادة”.
و لنا إذا كان فى العمر بقية لقاءات أخرى من ذكريات حرب الإستنزاف.